السبت، 9 يوليو 2011

سودنة الحالة الفلسطينية !!

تخطر ببالي صورة القائد الشيوعي العربي السوداني " عبد الخالق محجوب " الذي أعدمه النميري في محاكمة عسكرية،  ربما يكون السبب في أن ذكراه التموزية  تقترب سريعا والسودان يُقسَّم إلى دولتين في تموز ذاته ، يخطر ببالي أن أغني له أغنية سميح شقير ( بعدك عايش ببالنا فلاحينا وعمالنا) ، يخطر ببالي أن أبكي محجوب وحيداً وأن أحتسي مع روحه كوب الشاي الذي ارتشفه قبل إعدامه ، يخطر ببالي أن أبكي السودان معه اليوم ...
هل البكاء مع محجوب في تموز 2011  يدفعك لقراءة العالم من جديد؟ العالم الغابة في ظل قانون القوة لا قوة القانون، الفلسطينيون وحدهم من يفهمون ذلك، حين تكون القوة وحدها من تسود في العلاقات الدولية، وكيف تكون المصالح من ينسج شكل التنظيم الدولي وعلاقات أشخاص القانون الدولي العام ، وذلك في أطرٍ ظالمة أبعد ما تكون عما أقرته الشرعة الدولية من مبادئ سامية صاغها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأقرها ميثاق هيئة الامم وأكدها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسة والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ولما كان ميثاق الأمم المتحدة قد نص على تقرير المصير في ميثاق الأمم المتحدة في المادة (1/2)، والمادة (55) منه، ولما كانت المادة الاولى من العهد الأولى الخاص للحقوق المدنية والسياسية تنص على أن  لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهي بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركز سياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فإن العالم يتسند اليوم إلى هذه المبادئ وغيرها في دعم انفصال جنوب السودان عن شماله وإرسال ثمانية آلاف جندي من ذوي القبعات الزرق بقرار سريع من مجلس الأمن لحفظ السلم الأهلي هناك .
وماذا عن فلسطين؟؟ ألا يمكن سودنة الحالة الفلسطينية ولو على سبيل المقاربة ؟؟ بالتأكيد أن مصطلح السودنة المشتق من لفظ (السودان )  لن ينسجب على الحالة الفلسطينية  في ظل هيمنة الشرطي الأمريكي على العالم وانبطاح القوانين الدولية  تحت قدم إسرائيل، ولكن مصطلح السودنة المشتق من لفظ ( السواد )  تجاوزا ، يمكن أن يتفق عليه في توصيف حراك الفلسطينيين لتقرير مصيرهم الحق المهدور منذ عقود .
السودنة التي دفعت أمريكا للتهديد بقطع المساعدات عن الامم المتحدة إذا اعترفت الجمعية العامة بالدولة الفلسطينية، ودفعتها للتهديد باستخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن، السودنة التي تقوم على منع أشكال  التضامن الشعبي الدولي مع معاناة الفلسطيني الذين تنتهك حقوقهم اللصيقة على مرآى العالم، وذلك من خلال منع اليونان أساطيل الحرية من الابحار من إلى شاطئ غزة المحاصر ، السودنة التي  جعلت فرنسا والمانيا وجنيف تمنع انطلاق طائرات تضم متضامنين مع الشعب الفلسطيني، هو السواد الظالم الذي يحكم العالم منذ عقود حين يتعلق الأمر بحقوق الفلسطينيين ، بينما لا يستغرق الأمر سوى سويعات أو أيام لقرارات مجلس الامن بالتدخل الدولي الإنساني في ليبيا ومن قبلها في العراق وكوسوفو وغيرها، بينما يغرق الفلسطينيون في الدم في حروب الإبادة الجماعية التي شنتها اسرائيل وآخرها حرب غزة ولا شيء يحدث كأنّ شيئاً لم يحدث !!
 لن أستعيد التاريخ هنا، ولن أستعرض مضامين القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية في معرض إدانة هذا العالم الظالم، ولكننني سأستعيد فقط صورة محجوب المعلق على حبل المشنقة في تموز، لأتذكر كم أننا بحاجة للبكاء!!

شكرا لمرورك

شكرا لمرورك على المدونة، يمكنك المراسلة على البريد الإلكتروني
ahmadashkar1@gmail.com