السبت، 19 أكتوبر 2013
قرار محكمة صلح رام الله بشأن تقدير جدية الدفع بعدم دستورية نص المادة 12 من قانون المطبوعات والنشر رقم 9 لسنة 1995
دعوى جزاء
صلح رام الله رقم
: 1231/2012
الهيئة الحاكمة
: القاضي أحمد الأشقر
كاتب الضبط :
أيمن زهران
حضر وكيل النيابة
العامة الاستاذ أحمد الريشة.
لم يحضر ممثل عن
الجهة المشتكية جامعة النجاح الوطنية م،ح وحضر وكيله المناب
بموجب إنابة معطوفة على وكالة الاصيل المضمومة إلى اوراق هذه الدعوى شوهدت وضمت حسب
الاصول و القانون
حضر ممثل عن الجهة
المتهمة موقع وطن للإعلام م،ع،ن وحضر وكيلها الاستاذ داود درعاوي بموجب
وكالة خاصة من السابق
بوشر بالمحاكمة علنا
قرار
بعد التدقيق في
أوراق هذه الدعوى، تجد المحكمة أن الدفع الذي تقدم به وكيل الجهة المتهمة ينصب على شبهة
عدم الدستورية في نص المادة 12 من قانون المطبوعات والنشر رقم 9 لسنة 1995 مبينا
أن وجه المخالفة الدستورية المشتبه بها ينصرف إلى عدوان نص هذه المادة على القواعد
الدستورية في المنصوص عليها في المواد15 و19 و27 من القانون الأساسي الفلسطيني
ملتمسا بالنتيجة وقف السير في الدعوى وتأجيلها لتمكينه من التقدم بدعوى دستورية
لدى المحكمة العليا الموقرة بصفتها الدستورية، وفي هذا تجد المحكمة أن دورها يقتصر
على تحديد مدى جدية هذا الدفع الدستوري الفرعي عملا بأحكام المادة 27/3 من قانون
المحكمة الدستورية والنافذ ليصار إلى التقرير في هذا الدفع وفق ما تمليه أحكام هذه
المادة، وبالتدقيق في الوقائع الثابتة والمستمدة من أوراق هذه الدعوى ومن حيث
السند في القانون تجد المحكمة ما يلي:
·
إن الدفع الذي
أثاره وكيل الدفاع قد وقع في مغالطة قانونية بأن جاوز تخوم لائحة الاتهام التي
تحدد نطاق الخصومة الجزائية حين افترض تهمة غير مسندة بالأساس لمدير موقع وطن
للإعلام" م،ع،ن الذي اقتصر حضوره جلسات المحاكمة بصفته ممثلا
للجهة المتهمة وليس بصفته الشخصية كمتهم في الدعوى، إذ أن النيابة العامة لم تُسند
للسيد "م، ع، ن" أية تهمة لا بصفته الشخصية ولا بصفته رئيسا
للتحرير، وأن التهمة المسندة في لائحة الاتهام قد وجهت إلى "موقع وطن للإعلام
" وحده دون غيره، حيث انصب دفع وكيل الجهة المتهمة على اعتبار أن رئيس
التحرير أو مدير الموقع متهما في هذه الدعوى، وهذا يجانبه الصواب وفق ما تستدل
عليه المحكمة من منطوق ووقائع لائحة، ذلك أنّ مدير الموقع المذكور كان حاضرا جلسات
المحاكمة بصفته ممثلا عن الشخص الاعتباري الذي يديره ولا يعتبر حضوره وهذه
الحالة بمثابة توجيه اتهام وإنما تقتصر
المسؤولية الجزائية وهذه الحالة على الهيئة المعنوية على فرض ثبوت التهمة سندا لنص
المادة 74 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960، ومؤدى ذلك كله أن جدية الطعن
الدستوري الخاضع لتقدير هذه المحكمة ينصرف إلى استقراء مدى وقوع الضرر الشخصي على
من سيطبق عليه النص المطعون بدستوريته، ذلك أنّ الخصومة الدستورية من غير الأشخاص
الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم، سواء أكان هذا الضرر
وشيكا يتهددهم، أم كان قد وقع فعلا يتعين
دوما أن يكون هذا الضرر منفصلا عن مجرد مخالفة النص المطعون عليه للدستور، مستقلا
بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنا تحديده ومواجهته، ولا يتصور على ضوء ذلك أن تكون
الدعوى الدستورية أداة يعبر المتداعون من خلالها عن آرائهم في الشئون التي تعنيهم
بوجه عام، أو أن تكون نافذة يعرضون منها ألوانا من الصراع بعيدا عن مصالحهم المباشرة في الدعوى، وحيث جرى قضاء
المحكمة الدستورية العليا المصرية على أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط لقبول
الدعوى الدستورية، وأن مناطها يكون بوجود ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في
الدعوى الموضوعية، بأن يكون الحكم في الطعن الدستوري لازما للفصل في النزاع
الموضوعي (أنظر، قضية رقم 8 لسنة 16 قضائية المحكمة الدستورية العليا المصرية، 5
أغسطس 1995) وحيث تجد هذه المحكمة أن لا ارتباط بين النص المدفوع بعدم دستوريته
وهو المادة 12 من قانون المطبوعات والنشر النافذ ومصلحة المتهم من الحكم بعدم دستوريته
هذا فإن الطعن والحالة هذه يكون فاقدا الجدية لعدم اتصاله بالأساس الموضوعي
والشخصي للدعوى الجزائية مما يتعين رده من هذه الناحية.
·
إنّ الدفع المثار
لم يتطرق إلى شبهة عدم الدستورية لنصوص المواد المسندة للجهة المتهمة، ولا إلى تلك
النصوص التي يمكن أن تكون لازمة للفصل بالدعوى، وهذا ما لا يستنهض ولاية هذه
المحكمة للتقرير بجدية هذا الطعن أو الجنوح إلى التقرير بإحالة هذه الدعوى إلى
المحكمة العليا الموقرة بصفتها الدستورية عملا بأحكام المادة 27/2 من قانون
المحكمة الدستورية النافذ، ذلك أن النيابة
العامة لم تجنح إلى إسناد أي وصف للجهة المتهمة أو من يمثلها استنادا إلى نص
المادة 12من قانون المطبوعات والنشر المطعون بدستوريتها، وإنما اقتصر التجريم على
المادة 358 بدلالة المواد 188 و 198 من قانون العقوبات، كما أن لائحة الاتهام لم
تشر إلى مسؤولية رئيس التحرير أو مدير الموقع إعمالا لأحكام المادة 12 من قانون
المطبوعات والنشر او غيرها من النصوص ذات الصلة، وفي هذا تجد المحكمة أن الدفع المثار
لا يتسم بالجدية لعدم اتصال المادة 12
التي أثير الدفع بعدم دستوريتها بما هو مسند للجهة المتهمة أو من
يمثلها، ولما كانت الخصومة في الدعوى الدستورية عينية بطبيعتها ومناطها اختصام النص
التشريعي المطعون فيه استهدافًا لمراقبة مدى دستوريته وانضباطه داخل أطر الشرعية
الحاكمة على هدى من أحكام القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 باعتباره الوثيقة
الدستورية النافذة ويتعين على إثر ذلك استواء التشريعات جميعها على مرفئ هذا
الدستور على قاعدة سموه، ولغايات تحقق مقصد المشرع الدستوري من ذلك، وحتى تتبين
هذه المحكمة مدى جدية الدفع بعدم
الدستورية فإنها ملزمة بأن تتحرى ماهية النص التشريعي المطعون فيه والذي يعتبر
بمثابة موضوع الخصومة الجزائية وهو ما يجب أن يتضح جليا بلائحة الاتهام ومحلها،
فتنصرف إليه، وتتحدد بنطاقه ،وتدور معه، وهو ما يجب أن ينشده وكيل المتهم في هذه
الدعوى من التماسه إعمال المادة 27/3 من قانون المحكمة الدستورية النافذ مستهدفا كما
هو مفترض إسقاط هذا النص التشريعي الذي يُخشى أن يطبق على المتهم منتهكا لحقوقه الدستورية
قاصدا بالنتيجة تحقيق مصلحة الجهة المتهمة ليصار إلى اعتبار دفعه جديا وهو مالم
يتوفر في دفعه بعدم دستورية المادة 12من قانون المطبوعات والنشر التي لم تسند
للمتهم ولم تدور في فلك لائحة الاتهام ولم
تشكل مادة تجريمية معتبرة لتجري المحاكمة على أساسها، وأشير هنا إلى ما قررته محكمة التمييز الأردنية بتاريخ 7/11/2012
بشأن جدية الطعن المقدم لدى محكمة صلح العقبة رقم بالقضية رقم 781/2012 حين أكدت " أنّ من
شروط إحالة الطعن أن يكون للطاعن مصلحـة في طعنـه، من حيث استبعاد القانون المطعون
به من الدعوى وأن تكون أسباب الطعن جديـة" وهذا ما ينسحب على وقائع هذه
الدعوى حيث لم يستهدف وكيل الجهة المتهمة من دفعه تحقيق مصلحة الجهة المتهمة لأنّ
لائحة الاتهام ووقائعها خلت من وجود مسؤولية جزائية على الناشر أو مدير الموقع أو
المحرر أو رئيس التحرير مع التأكيد على انه لا يجوز لهذه المحكمة افتراض مسؤولية جزائية لم تأت بها لائحة
الاتهام ولا يستقيم القول إزاء هذا بتوافر
الجدية في طعن وكيل الجهة المتهمة وذلك لانعدام الصلة بين نص المادة 12 من قانون
المطبوعات والنشر النافذ المدفوع بعدم دستوريتها ونطاق الخصومة الجزائية في لائحة الاتهام،
ولما كان الأمر كذلك، وحيث أن جدية الدفع الدستوري الفرعي هي مناط قبوله، وحيث أن
مقاصد المشرع بالنص على طريق الدفع الفرعي في المادة 27/3 من قانون المحكمة
الدستورية النافذ تستهدف بالأساس حماية المواطن من انتهاك حقوقه الأساسية نتيجة
تطبيق نص قانوني أثناء نظر النزاع أمام المحكمة المختصة بأنْ أباح للمتهم أو وكيله
إثارة هذا الدفع لحماية المتهم من تطبيق
نص مخالف للدستور، وحيث أنّ المحكمة لم تجد فيما أثاره وكيل الدفاع بعدم دستورية
نص المادة 12 من قانون المطبوعات والنشر النافذ ما يحقق الغاية التي شُرعت لأجلها
هذه الطريقة في الدفع، فإنّ مؤدى ذلك يعني
أن هذه الإباحة قد سقطت وسقط معها حق الدفاع في اللجوء إلى طريق الدفع الفرعي عملا
بأحكام المادة 27/3 من قانون المحكمة الدستورية النافذ المشار لها لانعدام الجدية.
·
لمّا كان من
الثابت أنّ إعمال الدفع الدستوري من قبل هذه المحكمة سواء بطريق الدفع الفرعي أو
بطريق الإحالة من قبل هذه المحكمة من تلقاء نفسها يستنهض ولاية المحكمة العليا
الموقرة التي تنعقد مؤقتا بصفتها الدستورية للتصدي للبحث في دستورية نص ما، فإن
ذلك يوجب أن يكون هذا الاستنهاض لازمًا للفصل في موضوع الخصومة الجزائية من حيث
مدى اتفاقها مع الحقوق الأساسية التي كفلها القانون الأساسي بقيام الدليل على أن
ضررًا واقعًا بحق بالمتهم مرده النص المطعون فيه، وأن لا يكون هذا الضرر متوهمًا،
مرجعه إلى الخطأ في تأويل النص بفهمه على غير معناه، أو بتحريفه على غير وجهه
الصحيح، أو بإضافته على خلاف الحقيقة، وهو ما ينطبق على ما تضمنه دفع وكيل الجهة المتهمة
بافتراض أن السيد م، ع، ن متهمُ في القضية على خلاف الحقيقة الثابتة في
لائحة الاتهام، ذلك أنّ حضور المذكور إلى هذه المحكمة ومثوله أمامها لا يخرج عن الصفة
التمثيلية للجهة المتهمة من حيث اعتباره ممثلا قانونيا
لها لا متهما في الدعوى كما أشرنا، وهو ما يعزز قناعة هذه المحكمة بأنّ الدفع
المثار من قبل وكيل المتهم تعوزه الجدية اللازمة لاعتباره سببا ملزما لاستنهاض
ولاية المحكمة العليا بصفتها الدستورية للقيام بمهامها المقدسة في حماية الشرعية
الدستورية.
إنّ هذه المحكمة
ومع إيمانها العميق بأنّ التحقيق الصحفي واجبٌ تقتضيه المصلحة العامة، وأن أية قيود
مرهقة يفرضها القانون على الحق في حرية الرأي والتعبير أو حرية النشر والصحافة بما
يجعل من الصعب ممارسة هذه الحقوق تعتبر قيودا تثير الشبهة بعدم دستوريها من ناحية
مبدئية إلى أن تتصدى المحكمة العليا الموقرة بصفتها الدستورية للفصل فيها، إلا أنّ
هذه المحكمة وهي تُفرغ اجتهادها في التأصيل لمفهوم الجدية في الطعن الفرعي عملا بأحكام
المادة 27/3 من قانون المحكمة الدستورية العليا
رقم 1 لسنة 2006 باتت مطمئنة إلى أن هذا القانون قد كفل طريق الطعن المباشر عملا
بأحكام المادة 27/1 منه حماية للحقوق والحريات العامة، وإنّ قيام هذه المحكمة
بالتصدي للطعن الفرعي أو الطعن بطريق الإحالة يتطلب توافر شروط موضوعية ملزمة
ترتبط بحقوق دستورية أخرى، ذلك أنّ قيام هذه المحكمة بأداء رسالتها السامية في
توفير الحماية القضائية للحقوق الأساسية لا يمنعها من وضع فواصل وضوابط ومحددات تضمن
عدم التعسف في استعمال هذا الحق حتى لا
يصار إلى هدر حقوق دستورية أخرى أو تعطيلها وأهمها الحق في التقاضي وسرعة الفصل في
الدعاوي وحرمة الحياة الخاصة، والحق في الكرامة الانسانية على وجه العموم.
لذلك، واستناد لكل ما تقدم، تقرر المحكمة رد دفع
وكيل الجهة المتهمة لانعدام الجدية وتبعا لذلك تكليف ممثل الجهة المتهمة الحاضر بالإجابة
عن التهمة المسندة لها. وأفهم في 2/1/2013
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
شكرا لمرورك
شكرا لمرورك على المدونة، يمكنك المراسلة على البريد الإلكتروني
ahmadashkar1@gmail.com
ahmadashkar1@gmail.com